رد الدكتور الطاهر الثابت على صديق طعن في لجنة أعداد قانون الليبي للنفايات الطبية.
خلال سنة ونصف فريق من عدة متخصصين في شتى المجالات الطبية والقانونية والبيئية أخذوا على عاتقهم سن قانون جديد تفتقر له الدولة الليبية وهو قانون إدارة نفايات الرعاية الصحية تحت مظلة البرلمان الليبي الجهة التشريعية لسن مثل هذا القانون، وذلك لإهمية هذا القانون في قطاع الخدمات الصحية بعد الانتشار الكبير للمصحات والعيادات والمستشفيات الأيوائية، وحدوث تجاوزات وأختراقات رهيبة في المعالجة والتخلص النهائي من النفايات الطبية، مما قد يسبب أضرار صحية وبيئية لأفراد المجتمع والكائنات الحية التي تعيش معنا.
مثل هذا القانون قد تم إصداره في غالبية الدول العربية، منهم من أصدره منذ أكثر من عشرون سنة، حتى أن بعض الدول قامت عدة مرات بتجديد وتحديت القانون، ونحن تحركنا فقط هذه السنوات ونسعى لإصداره لأهميته القصوى. نعم تأخرنا كثيرا، ولكن أن تأتي متأخر أفضل من ألا تأتي.
تحركنا ونحن نسعى لإصداره بالصورة المثلى، لهذا قمنا بعرض مسودة القانون بعد إنجازها عبر الأنترنت في منصة قانونية ليبية (منصة المجمع القانوني الليبي برعاية شركة العنكبوت الليبي) ليراها الجميع ويعلق عليها من لديه ملاحظات، بعدها قمنا بعمل تغييرات جذرية في المسودة بعد ورود التغذية الرجعية لحوالي خمسة وعشرون ملف من أساتذة في القانون ومتخصصين طبيين.
كما قمنا بإجراء ورش عمل من ضمنها الورشة الأخيرة في بنغازي بمقر مجلس النواب (كما في الصور المرفقة)، والتي ساهم فيها عدد من الخبراء البيئين والقانونيين وجهت لهم الدعوة الشخصية للمساهمة وأبداء الرأي في مسودة القانون. وكان لقاء رائع جدا بحجم النقاش الذي دار حول 59 مادة قانونية تمت مناقشتها.
بعد هذا كله، يأتي زميل من وزارة البيئة يرسل لي كلمات يقول فيها “للأسف د. الطاهر وانت سيد العارفين هذا المشروع لا يرقى حتى للائحة تنفيذية وقد سبق أن قالت فيه وزارة البيئة طرابلس كلمتها”.
وللرد على الصديق والذي أكن له كل الأحترام والتقدير أقول: نحن هنا ياصديقي نتكلم عن قانون وليس لائحة تنفيذية، كتابة اللائحة التنفيذية في إدارة النفايات الطبية أسهل بكثير. وسأقول لك لماذا أسهل، لأن لدينا عدة مراجع فنية تقنية من منظمة الصحة العالمية (الكتاب الأزرق) ومراجع من إتفاقيات ومعاهدات دولية مثل إتفاقية بازل وبعض المراجع العلمية الأخرى، والتي ستجد فيها كل المعلومات الفنية فقط عليك ترجمتها والعمل بها. أقول هذا لأنني كنت في اللجنة التي وضعت تلك اللائحة التنفيذية بوزارة البيئة والتي تتكلم عليها. ولكن عندما نتكلم عن قانون فهذا شي أخر ياصديقي.
قانون إدارة نفايات الرعاية الصحية ليست به التفاصيل الدقيقة الفنية والتي من المفروض تجدها في اللائحة التنفيذية المرافقة لها، على سبيل المثال وليس الحصر، مثل تفاصيل لطرق الفرز والجمع والنقل الداخلي ومواصفات ساحات التجميع وعربات النقل وطرق المعالجة والمسوؤليات العاملين والانسكابات وغيرها.
نعم هناك صعوبة في وضع القانون، فكيف تحدد الجريمة والعقوية التي تناسبها بحيث لا يكون هناك إجحاف وظلم على المرتكب ولا يكون هناك تساهل وتراخي في العقوية. فمن خلال عملنا قمنا بمراجعة العديد من القوانين واللوائح التنفيذية للدول العربية وغيرها، كما رأجعنا في تلك القوانين المخالفات والعقوبات حتى يكون القانون الذي نشتغل عليه بعد أنتهائه سهل التطبيق وليس خيالي.
أما بخصوص فريق أعداد هذا القانون فهو يتكون من عدة تخصصات، وبالطبع الجانب البيئي غالب عليه، فلدينا زميلة دكتورة تشتغل في وزارة البيئة وهي ناشطة جدا ومشهود لها بالكفاءة والعلم وكانت من ضمن لجنة أعداد اللائحة التنفيذية بوزارة البيئة بل كانت المقرر لتلك اللجنة ولديها خبرة واسعة في إدارة النفايات الطبية، ايضا من ضمن الفريق زميل من الإصحاح البيئي لا أستطيع أعطاه حقه على ما قدمه للبيئة في ليبيا، وباقي الفريق والذي لا يسعني المكان أن أتكلم عنهم.
الفريق قام خلال مدة سنة ونصف بأكثر من ستة وثلاثون أجتماعاً غالبيتها أجتماعات تقابلية، والبعض اجتماعات عبر منصات الألكترونية مثل السكابي وغيرها. ياصديقي أنه مجهود كبير في ظروف بلادنا الصعبة. كما قلت لك أن نأتي متأخرين أفضل من ألا نأتي. مانقوم به هو إضاءة شمعة وهذا أفضل مائة مرة من لعن الظلام، أن يكون لنا قانون وبه أخطاء أفضل من ألا يكون لنا قانون. فكل دول العالم تقوم بتحديت القوانين وتجديدها، بسبب اكتشاف تغراث وهذا ليس عيب، فالكمال لله، هو فقط الذي أنزل قانونه وليس به عوج وصالح لكل زمان ومكان.
صور ورشة العمل بمقر مجلس النواب الليبي التي اجرتها لجنة أعداد قانون نفايات الرعاية الصحية بمدينة بنغازي للوصول للمسودة الأخيرة من القانون.
اترك تعليقاً