رد من أ.د الطاهر الثابت بخصوص نشر أحد الشباب صور تجهيز ثمانية من السحالي الصحراوية النادرة لحفلة شواء
أنزل أحد الشباب الذين يتجولون كثيرا في الصحراء الليبية هذه الصورة لثمانية من السحالي الصحراوية (لآ أدري الأسم العلمي لها، ولا أدري هل هي نادرة الوجود أو أنها موجودة بكثرة) وقد أحتفظت بهذه الصورة لدي منذ فثرة طويلة.
أحتفظت بها ليس لأني أحببت الصورة بل الحقيقة أنها آلمتني جدا، وكل مرة أحاول أن أكتب عليها ما يجول في خاطري اتجاهها.. وأتردد كثيرا… ولكن اليوم قررت أن أكتب خواطري حول الصورة وأن أخاطب هذا الشاب بكل أحترام ولا أقصد من مقالتي النيل منه أو أهانته.
الصورة هي لثمانية سحالي صحراوية من صحرائنا الليبية الكبرى ذبحت (بالطريقة الأسلامية على مأعتقد؟؟؟) لنزع الدماء وقد شقت بطونها بالطول وأفرغت من محتوياتها وهي في أنتظار وضعها على الحطب لشويها.
أريد أن أخاطب من قام بهذا العمل (والبعض يسميها جريمة، وليسامحني هلى هذا التعبير) والحقيقة لا أدرى دافعه من وراء ذلك، أنا متأكد بأن دافعه كان بحسن نية وعفوية ولا يقصد تدمير مخزوننا من الكائنات الحية الصحراوية الخاصة بنا والقضاء على الأحياء النادرة بها، بدليل أنه قام بتصوير هذه الزواحف ونشرها على وسائل التواصل الأجتماعي. وأنا شخصياً لا دري السبب من ذلك، هل هو نوع من التفاخر بالأنتماء لأبناء الصحراء، أو لا نه شيء مشوق وغريب، الحقيقة لا أدري، ولكن في جميع الأحوال عندي أحساس بأن قصده كان سليم وعلى حسن نية وعفوية كبيرة جدا.
اريد في هذه المقالة أن أخاطبه وأخاطب الأخرين وقد أختصرت ما أريد قوله في النقاط التالية:
1- جمع ثمانية سحالي ليس بالأمر السهل فأنها ثروة من الكائنات الحية الصحراوية النادرة وهدرها بهذه الطريقة لا يجوز بأي حال من الأحوال، فلو قام الأخرين بمثل ما قمت به فهذا تدمير للأحياء البرية في بلادنا وفي طبيعتنا الخاصة بنا وهي طبيعة صحراوية نادرة جدا ومميزة وكذلك الكاثنات التي بها، فهي كائنات نادرة وقليلة والبعض منها لا يتواجد إلا في هذه المناطق، بسبب أمتياز هذه المناطق بالحرارة العالية جدا، والجفاف الشديد على طول السنة وأمتيازها بنوعية غطاء نباتي يتحمل نادرة الماء ويعتبر مختلف جدا عن غيرها من النابتات في الأماكن الأخرى، والكثير من الخصوصية التي وهبها الله لها والتي لن تجدها مكان أخر.
فالكائنات الحية البرية في هذه المنطقة تعتبر نادرة، حتى أن لا زال هناك العديد من الكائنات الحية التي لم تكتشف علمياً وتعرف بسبب صعوبة الحياة والتنقل في هذه المناطق الوعرة.
2- هل ما قمت به من عمل كان بسبب الجوع؟، أم الأشتهى في أكل طعام مميز غريب مميز؟. لا داري ما هو طعم هذه السحالي النحيفة فهي بالتأكيد لن تكون بجودة وطعم الدجاج أو الأسماك أو لحم الخراف، فلو قمت بأشتراء خروف كامل أو عدة دجاجات فتكلفتها قليلة وستشبع منها أما هذه السحالي فلا أعتقد بأنك ستحس بالشبع والأكتفاء. ومن ناحية أخرى لا يقدر المال مهما صرفت أن يأتيك بسهولة بتمانية سحالي نادرة مثل هذه التي أكلتها أنت بهذه البساطة.
3- أريد أن أخبرك أيضا، أن في أي طبيعة نعيش فيها يوجد نظام بيئي (Eco-system) وشبكة غذائية (Food Network) معقدة وضعها الله بميزان محكم. أقصد من هذه الكلمات، عندما تقوم بالقضاء على كائن معين في بيئة معينة فهذا يخل بالميزان والنظام في تلك البيئة، وليس فقط إذا قمت بالقضاء على كائن معين، بل أيضا عندما تقوم بإدخال كائن غريب معين في بيئة جديدة معينة فأنك قد أخللت بالنظام البيئي، فالكائن الذي أدخلته سيتغذي على كائن أخر فيختل النظام. فالسحالي الثمانية التي قتلتها كانت في منظومة وشبكة غذائية محكمة، فهي تتغذي على كائنات أخرى وتتغذي عليها كائنات أخرى، فهناك ميزان محكم لذلك. هل وصلت فكرتي لك أم لا.
4- أريد أن أقول لك كذلك: أن قتل ثمانية سحالي ليس بالأمر السهل وهذا يقرب من انقراضها وليس بالسهل تعويضها، ففيها الذكر والأنثى ووجودهم مع بعض سيحافظ على نوعها من الأنقراض.
5- بيئتنا الصحراوية (الصحراء الكبرى) تعتبر بيئة مميزة جدا في كوكب الأرض، سوء الصحراء التي تتكون من أمواج الكثبان الرملية (مثل أذهان مرزق وصحراء زلاف) أو الصحراء الصخرية قليلة النباتات (مثل الحمادة الحمراء) أو في الصحراء الصخرية المحاطة بسلاسل جبلية وبركانية (مثل جبل أكاكوس والجبال السوداء وغيرها)، فهي تعتبر بيئة نادرة في العالم فالمحافظة عليها وعلى الكائنات بها هي المحافظة على طبيعة مميزة، وهي ليست لنا فقط فالأجيال القادمة نصيب كبير فيها، أيضا للجنس البشري كافة في هذا الكوكب نصيب فيها.
واخيرا، أرجوا منك وأتوسل إليك ألا تقوم بمثل هذه العمل مرة أخرى، وأن تمنع الأخرين ألا يقومون بمثل هذه الأعمال، وأدعوك بأن تكون أحد الذين يدافعون على بيئتنا الصحراوية والمحافظين عليها، فقد علمت بأنك من أبناء الصحراء الكبرى وهذا يجعلك تحافظ على هذه الصحراء لأنها جزء منك.
ولك منا كل الاحترام والتقدير،
وشكرا،
أ.د الطاهر إبراهيم الثابت
